اي قصة سينمائية متماسكة الأركان بيتم تقديم تاريخ للشخصية علي الشاشة _انا هنا بأتكلم عن الأفلام السينمائية الدرامية وبأستثني أفلام الإثارة لأن في أفلام الإثارة والغموض قد يتم اخفاء تاريخ الشخصيات من أجل حبكة الفيلم _ والغرض من عرض تاريخ الشخصية انك فيما بعد تفهم دوافعه أو أسبابه واللي مش فاهم كلامي هيفهم دلوقتي لما نيجي نطبق الكلام ده علي فيلم الإر هاب والكباب.
المواطن أحمد _عادل إمام
الشخصية الرئيسية في فيلم الإرهاب والكباب هي المواطن أحمد _ده اللي بنشوف الحدوته بتاعتنا من خلاله_ كرمز للمواطن المعتدل اللي لا له في السياسة ولا حاجة وكل همه إنه يوفر له ولاولاده حياة ادميه طب عبر عن تاريخ الشخصية إزاي
.
وحيد حامد بدأ الفيلم من peak بس متقدرش تقول ال peak اوي برضو طب ليه أنا قولت peak لأنه بدأ من عقدة الفيلم بالنسبة للبطل ومش peak اوي لأن الأحداث في بدايتها يعني اول مشهد في الفيلم كان لعادل إمام في المجمع _مكان حدوث أحداث الفيلم فيما بعد_ وهو بيحاول ينقل أولاده من المدرسة ولكنه يفشل في سعيه نتيجة تعنت من الموظفين سواء عن قصد أو لمجرد ممارسة "الغتاتة الروتينية".
تستمر الكاميرا مع المواطن أحمد لعرض طقوس حياته اليومية فهو مواطن روتيني مثل أي مواطن .. يعمل أكثر من عمل لمواجهة تحديات الحياة ويحلم بيوم الخميس _اليوم المقدس عند الموظفين الروتينين_ ليفرغ شهو ته في زوجته ثم يعيد تكرار ما يفعله كل يوم ولا يريد شيء من الدولة وبالتالي يطلب الدولة أن تتركه في حاله إلا أن تتصاعد الأحداث كما شاهدنا في الفيلم ويضطر للاستيلاء على المجمع.
باقي شخصيات الفيلم تعتبر شخصيات ثانوية رئيسية _لهم تأثير في الأحداث_ بما فيهم يسرا واللي كان وجودها لغرض تجاري بحت ولكن هأستعرض ثلاث شخصيات ثانوية وهم :-
- عسكري المجمع _ اشرف عبدالباقي
- جزمجي المجمع _ أحمد راتب
- الأستاذ رشاد _ أحمد عقل
عسكري المجمع والبحث عن الكرامة
في المشاهد الأولي لعسكري المجمع يظهر وهو يتم توبيخه من لواء المجمع لأن العسكري ثار كرامته ووبخ إبن اللواء "الطفل الصغير" والذي قام بإهانته وركب للعسكري ذيل ولكن قائده "والد الطفل" لم يعجبه توبيخ العسكري لابنه وقاله بالنص :- "وايه يعني لما يركبلك ديل ما أبوك في البلد له ديل وأمك في البلد لها ديل" ليرد عليه المجند مرة أخرى بأن يجنب والده ووالدته ذلك الحديث ليثور اللواء علي تجرأ مجند الخدمة ويعده بأشد العقا ب وحتي حينما نصحه أحد أصدقائه بأن يعتذر للواء رفض ذلك فهو لم يخطأ وكل ما فعله هو المطالبة بكرامته المهدرة وهو ده الدافع اللي جعل المجند فيما بعد ينضم الي المواطن أحمد حين سأله عن سبب انضمامه وعن طلباته ليرد هلال عليه بأن أقصي طلباته أن يعيش وسط أهله ويزرع أرضه دون إهانة من أحد ليرد عليه احمد بأنه يخدم البلد فيرد عليه المجند بمكنون دوافعه:-
"=انا مش فى خدمة الوطن .. انا فى خدمة الباشا سيادة اللوا وحرم الباشا سيادة اللوا والعيال الباشاوات ولاد سيادة اللوا
-عندك حق يا هلال، الوطن مش شخص واحد ولا حتى الف شخص يسخروك لخدمتهم"
فأصبحنا نعرف سبب ودوافع المجند هلال وهي الثأر لكرامته المهدرة علي يد أشخاص اساوؤا استخدام السلطة.
جزمجي المجمع وتطبيق العدالة
رمز العدالة في المحاكم عامة تكون بإمرأة معصوبة العينين وتمسك بيدها ميزان لتحكم بين الناس وهكذا يكون تطبيق العدالة لكن العدالة العرجاء اللي اتكلم عنها وحيد حامد من قبل في فيلم الغول هي عدالة بقدم واحدة تنصف أصحاب النفوذ وتظلم الضعيف وهذا ما حدث لجزمجي المجمع "أحمد راتب" والذي ذهب لخدمة الوطن ليعود ويجد أن أرضه قد تم الاستيلاء عليها من أحد القطط السمان ليطالب بحقه عن طريق المحاكم ولكنه بعد ١٦ سنة يفشل ليقرر أخذ حقه بيده ليتم بعدها الحكم عليه بالاعدام بعد ثلاثة شهور فقط لا غير ليتسأل اين هي العدالة التي يتشدقون بها ليل ونهار ام هي تطبق على المستضعفين فقط لنفهم من حواره أن السبب الرئيسي لانضمامه الي المواطن احمد أنه مثله ليس بمجرم ولكن كل ما هنالك انه أراد تطبيق العدالة له ولاولاده فأضطر للاستيلاء علي المجمع رغم أنفه.
الأستاذ رشاد والتدين الظاهري الجميل
لمن شاهد الفيلم سيجد أن الأستاذ رشاد "أحمد عقل" كان عامل محفز هو والسيدة أنعام سالوسة من بداية الفيلم فقد قام كل منهما بدفع المواطن أحمد دفعا ليفقد أعصابه ويصبح علي حافة الهاوية وذلك بتطبيق الروتين الحكومي المعهود من محاولات التهرب من الشغل سواء بالصلاة أو تضييع الوقت بالمكالمات ولكن الأستاذ رشاد هو من قام بتصعيد الأمور ولو كان احتوي المواطن أحمد من البداية كنا تجنبنا كل ذلك.. هنا لم يتم سرد تاريخ أو دوافع للاستاذ رشاد لأن دوافعه معلنة من وهو علي سجادة الصلاة فكان همه الأكبر هو تضييع الوقت بأي طريقة حتي وان كان ذلك علي حساب مصالح المواطنين متناسيا أن العمل جزء من العبادة.
ما يؤخذ علي الأستاذ وحيد حامد هو إصراره علي إبراز المتدين الظاهري فقط دون إظهار النقيض له وهو المتدين الحق ليعتدل الميزان وشوفنا ده في أعمال كثير للاستاذ وحيد حامد والاستاذ عادل إمام.
في الثلاثة نماذج اللي طرحها الأستاذ وحيد حامد من خلال الشخصيات الثانوية _ العسكري والجزمجي والاستاذ رشاد _ كان الغرض الأساسي منها هي عرض مطالب الشعب أو بمعني أدق ما يعانيه الشعب فالشعب يريد العدالة والكرامة لابناءه ويريد القضاء على الفساد الإداري بالمصالح الحكومية بكل أشكاله وصوره ولخص كل ذلك في مشهد المطالبة باستقالة الحكومة في إتهام صريح من صناع الفيلم أن سبب مأساة المواطن الحقيقية هي الحكومة وهنا ثار وزير الداخلية" الفنان كمال الشناوي" اللي كان بيمثل الذراع التنفيذي للحكومة بالفيلم وهدد بأنه إن لم يتم الإخلاء سيتم الاقتحام وبالنسبة للرهائن فهم شهد.اء ابرار ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن والحكومة ستصرف للورثة تعويضات مجزية ثم ينظر إلي الكاميرا ويقول:-
"لازم تعرفوا أن الحكومة ملهاش دراع عشان يتلوي واللي مش عجبه عنده مجلس الشعب واللي مش عجبه مجلس الشعب يخبط رأسه في الحيط"
ليكون بمثابة إتهام اخر للحكومة بأنه حين تعارضت مصلحة الحكومة مع أرواح الرهائن اختارت الحكومة مصلحتها دون النظر لمصلحة الرهائن في انتقاد لاذع من الكاتب وحيد حامد للسلطة الحاكمة في ذلك الوقت ده فكيف يلجأ المواطن الي جلاديه ليطلب منهم العدالة لتجد أننا في حلقة مفرغة كما انتهي الفيلم من حين بدأ ليعود كلا من محتجزي المجمع الي حياته الروتينية مرة أخرى مع ظهور شمس اليوم التالي وكأن شيء لم يكن.